السؤال:
ما حكم من كان يغتسل غسل الجمعة - وهو يحسبه واجبا - ، فيتمضمض ويستنشق
ويستنثر ، ويذهب إلى الصلاة دون وضوء ؛ ظانا منه أن غسل الجمعة - بصفة
الإجزاء - : تجزئه عن الوضوء ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
الاغتسال من حيث كونه مجزئاً عن الوضوء أو غير مجزئ ، أنواع :
1.
أن يكون الاغتسال لأمر مباح ، كغسل التنظف أو التبرد ، فهذا الغسل لا يجزئ
عن الوضوء ، ولو نوى باغتساله الوضوء ؛ لاشتراط الترتيب في الوضوء .
2.
أن يكون الاغتسال لأمر واجب ، كغسل الجنابة والحيض والنفاس ، فهذا يجزئ عن
الوضوء ؛ لأن الحدث الأصغر يندرج في الحدث الأكبر ، فإذا ارتفع الأكبر
بالغسل لزم ارتفاع الحدث الأصغر أيضا .
3.
أن يكون الاغتسال لأمر مستحب ، كغسل الجمعة ، فهذا النوع اختلف فيه أهل
العلم ، هل يرفع الحدث ، فيجزئ عن الوضوء ، أو لا يرفع الحدث ؟
القول الأول : أنه يرفع الحدث ، وهو المذهب عند الحنابلة .
قال
منصور البهوتي رحمه الله "دقائق أولي النهى" (1/55) : " ( ومن نوى غسلا
مسنونا ) وعليه واجب ( أو ) نوى غسلا ( واجبا ) في محل مسنون ( أجزأ عن
الآخر ) " انتهى .
القول
الثاني : أن غسل الجمعة لا يجزئ عن الوضوء ، حتى على القول بوجوب الغسل
للجمعة ، بل لا بد من الوضوء مع الغسل ، وقد سبق في الموقع بيان ذلك ، كما
في جواب السؤال رقم (99543) .
وقد
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا اغتسل شخص للتبرد غسلاً مجزئاً ،
فهل يكفيه عن الوضوء ؟ وإن لم يكفه ، فما هو الغسل الذي يكفي عن الوضوء ؟
وهل لا بد فيه من نية ؟
فأجاب
: " التبرد ليس عبادة وليس طاعة ، فإذا اغتسل للتبرد لم يجزئه عن الوضوء ،
الذي يجزئ عن الوضوء هو الغسل من الجنابة ، أو غسل المرأة من الحيض
والنفاس ؛ لأنه عن حدث ، وأما الغسل المستحب كالغسل عند الإحرام مثلاً ،
فإنه لا يجزئ عن الوضوء ، وكذلك الغسل الواجب لغير حدث ، كغسل يوم الجمعة
لا يجزئ عن الوضوء .
فلا يجزئ عن الوضوء إلا الغسل الذي يكون عن حدث ، جنابةً أو حيضاً أو نفاساً .
السائل : وماذا يكون لو نوى ؟
الشيخ : ولو نوى ؛ لأنه لابد من الترتيب .
السائل
: والغسل عن الحدث ، هل لابد من نية ؟ الشيخ: إذا نوى الغسل عن الجنابة
كفى عن الوضوء ؛ لقول الله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً
فَاطَّهَّرُوا) ، ولم يذكر الوضوء " انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" .
ثانياً :
من
صلى بغسل الجمعة ظناً منه أن ذلك يجزئه عن الوضوء ، ثم تبين له بعد ذلك
خلاف ما يظن ، فإنه لا يؤمر بإعادة الصلوات التي صلاها في الماضي ؛ مراعاة
لقول من أجاز ذلك من أهل العلم ، وهو قول معتبر ، ولأن الإنسان معذور فيما
لم يبلغه فيه النص ، كما قرر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله .
وأما
فيما بعد ذلك ، فقد بينا الخلاف في ذلك بين أهل العلم ، ولا شك أن الأحوط
له ، والأبرأ لذمته : أن يتوضأ ، مع غسله ، والسنة أن يكون ذلك الوضوء قبل
الغسل ، لا بعده .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (45648) ، (115532) .
والله أعلم